شعوب السودان التي ملأت شوارعها مطالبة بقيادة تتشابه معها .. حكومة تدير شؤونها بقوة العلم ، بسلطة الحرية و العدالة و السلام.. قيادة تحترم الحياة و تحترم هذا البلد الغني بكل الموارد التي لم تخطر علي بشر منذ بدء التاريخ و لكن إلي الآن لم تعلو فوق غناها بأهم ما تملكه هذه الأرض و هو طاقة شعوبها!
يتفاجئ العالم بجنون هذا الشعب !
لا يفهمه الكثيرون و لا يستوعبه حتي جيرانه ..
بعد كل هذا الموت و الأذى و التفقير و التهجير و المذابح العلنية و السرية و القتل العمد و القتل الخطأ و قطع الكهرباء و الانترنت و أزمات متتالية بكل الأشكال و الأنواع ...
يخرج السودانيين و السودانيات الاتي شهدن أسوأ حكومات كان شاغلها الشاغل هو إهلاك الطاقة اللا متناهية في أحقية نساء هذا البلد بحياة تليق بهم و تحتفي بهم كما شهدت أمهاتنا و جداتنا و حبوباتنا منذ آلاف السنين ..
خرجت شعوب السودان نساء و رجال رغم توديعهم لأبنائهم و بناتهم منذ سنة أو أقل ! خرجوا رغم جروهم التي لم تلتئم بعد ... جروح عميقة و مهلكة لا اتخيل نفسي بصلابة من خلفوها ورائهم و تقدموا نحو الشوارع بثبات ذو البصيرة !
نعم بالتأكيد شعوب السودان من الممكن الا تشارك البعض في رفاهية مرئية اقتصادية .. محظوظة بحكومات موالية لشعوب و أجندات اخري، بلد عانى من بعض أهله - الغارقين في دماء ضحاياهم - و من محتليه و أعوانهم كل أنواع السيطرة و التلوين و التشكيل. استسلم البعض .. و تشائم البعض ليحمي روحه من الأمل لكن ...
ظل هنالك سر لا يستوعبه غير من اختارته الدنيا أن يشارك هذا السر.
بعض شعوب العالم ترى القيمة في اشياء غريبة و مختلفة ..
ترى الإيمان رفاهية و الوصل سحر.. ترى الكرم فقر و تظن ان الحياة لا معنى لها ..
اتسائل بيني و بيني كيف أيقنت مع مرور الزمن ألا أحزن على السودان و شعبه ؟
أن أقبل مأساة هذا الجزء من الكوكب ... دون أن أفقد الأمل.
كيف تعلمت أن أرى الحياة بمنظور أكثر قرب للحياة نفسها…
شعوب السودان تحمل إرث لا يدركه أغلبية سكان هذا الكوكب
نعم لازال هنالك على هذه الأرض بقايا من سبقونا
نعم لازالت تحمل تربة هذه الارض سحر من أوصلونا بالعالم الاخر
سحر من كشفوا الأسرار لنا و للآخرين
نعم هناك على ضفاف ذلك النيل الذي يتشاجر عليه ضباع الكوكب
أجساد رفقائنا ذو البصيرة و أرواح من علمونا أن الحياة ليست بالسهلة و ليست دار بقاء و انما دار امتحان
اي اختبار اعظم من ان يدرك المرء ما هي الحياة في أسمي صورها؟
اي دليل اعمق من ان يشعر المرء بتجلي روحه و انكشاف حقيقته وسط المعاناة ؟
ان لم تكن الجسارة
ان لم يكن الإيمان
ان لم يكن الاستحقاق
ان لم يكن الحق
ان لم تكن الحرية
ان لم تكن الثقة هي الامتحان
من الممكن لك ان تشاهد اخبار السودان و تحزن..
من المتاح لك ان تشعر ان لا مكان للأمل.
ولكن أنا اؤمن ان الهدف من دوراننا حول الشمس هو أن نحيا بفخر و بوضوح و بلا اعتذار عن النور الذي يتجلي مننا، مثلنا مثل الشمس !
لا نعتذر عن أرواحنا و عن حياتنا و عن الصوت الذي يصدح في نفوسنا و عن الثقة التي تنبع من انتمائنا للحياة حتي و ان
متنا.
كل سوداني و سودانية في شوارع بلادي العظيمة اثبت ان دورانه حول الشمس ملأ المعنى
و ان هنالك إيمان بأن استحقاقي بحياة كريمة لا يقل عن استحقاقي بتعبيري عن حقي هذا !
سنة هذه الطبيعة التغيير و نحن جزء منها بأي حال..
من يعرف من أين أتى السودانيون احتمال ان يفهمهم و لكن اسمعني حين اقول :
شعوب السودان شعوب لا تقهر و ان ظلمت
لا تنسى و ان غفرت !
مروى زين أرباب
٢ نوفمبر ٢٠٢١
Comments