top of page
Search

أنا أروى يا مريم

” سأنعي بحزن كل الموتى بلا حب في العالم ”


اعترفت في حضرة أريج جمال عن سعادة اكتشاف روايتها ” أنا أروى يا مريم” و شعرت بالإمتنان و أنا أشرح لها كيف طوّقتني الرواية من كل اتجاه لتكون من أجمل مفاجآت العام بالنسبة لي.



لأكون صادقة، لم تمرّ الرواية مرور الروايات القوية فقط، و لا الروايات الشديدة الحساسية فقط و لا الروايات الموزونة بحرفة يصعب تخيل مصدرها .. الرواية مرّت مرور الروايات المخلصة و المخلّصة .. فيها من الإتقان و فيها من التشريح الذي يختزل طبقات الجلد الأولى و ينبثق كالنهر في الروح …



نعم، إنها رواية تقدّس الحب في كل أشكاله و صوره ؛ الحب بين امرأتين.. الحب بين امرأة و رجل و الحب بين الإنسان و فكره .. هويّته .. إرثه..

و لأنها خاطبت العقل و القلب؛ أيقنت أن ما أبهرني هو هذا الخليط من الموهبة و الوعي الأصيل .. الحساسيه و الشجاعة الثابتة ..


أريج جمال؛ الروائية المصرية الشابة



كل هذا توّجته بحرفية شديدة لتخرج الرواية في صورة أخّاذة تسحبك هويدا هويدا لتقع في فخ صنعته الكاتبة بمنتهي الإصرار و الجسارة كي تبوح بما يخشى الجموع من بوحه.


لتكون روايتها بكل البراعة رواية عن ؛ لماذا نحن هنا و كيف وصلنا إلى هنا و من هم آباؤنا و كيف تشكّلنا .. عن معضلات وجودنا الكبرى التي نخشى الاعتراف بها حتى لأنفسنا هامسين .. عن ما هو هذا الواقع الذي يسحبنا مساجين دون أي ذرة حرية.. مكبّلين .. مرغمين على حياة لا نعرف عنها سوى الحسرة و الألم ؛ نخشى فيها الحب .. أصل معجزة وجودنا البشري .



هذا و في بحر الحكي و الرواية كل منا يرى من زاويته كما في السينما و في الفنون عامة .. لكنني بكيت و ضحكت و انفعلت و غضبت و تقطّعت أنفاسي و استعدتها مرة ثانية و ابتسمت و أنا أتقاسم بعض من الحياة بما فيها من خيبات و تساؤلات و بعض الحب متسلّل بينهما .. هذا ما وجدته مطوي بين صفحات هذا العمل الأدبي القاسي بنعومة بالغة.

خلال قرائتي استوقفني العديد لكني أشارككم البعض هنا :

” عرفت أن العالم الجديد أبله و خبيث و سريع النسيان ! “

” أنا في العزف أفقد جسدي يا مريم .. جسدي كله .. و أنا في الحب أستردّه من تاني معك .. كله .. حياتي مقضيّة بين المذهبين..”


” لم يكن للأمر علاقة بالسياسة قط، كان شيئا في الروح، كليا في الروح. مازلت أعرف و أؤمن و أصدق دون أن يقول لي أحد، لم أشارك في شيئ، لا مظاهرات النوبة الأولي و لا ما تلاها من مظاهرات، و ربما لن أشارك طوال حياتي، بالنسبه لهؤلاء الذين يبيتون في الميدان و يقابلون برد يناير بجاكيت خفيف مهما ثقل، بالنسبه لهؤلاء أنا خائنة. و عندهم حق. لكنك تعرفين أن هذا ليس حقيقيا. شاركت في أشياء أعمق، كأن سرت في شوارع مظلمة و طويلة لا تقود إلى هدف، سرت وحدي، في السير انزلقت على الأرض مرات و كانت أحيانا مبتلّة بالمطر، نهضت و هربت من رصاصات البوليس الطائشة و من خرطوش القناصين و كثيرا من تحرشات البلطجية.

هربت كي أحارب أفضل فيما بعد! “

” كأنني أول حواء يخلقها ربنا بين نسخ مكررة من آدم، حواء خلقها ربنا في غفلة من آدم .. “

” من الذي كان سيغششنا الإجابة الصحيحة و قد غاب الملاك متعمدا يومها عن يوم الامتحان. فجأة عرفنا أن الملائكة لا تتدخل في الحياة، و كم آذتنا المعرفة، أنت متروكة للتجربة .. ستتعلمين بالطريقة الوحيدة و هي الرسوب، مثل كل البلد لا بد من خيبة لا تحتمل، و كان لابد أن تحتملي .. “

” ّصعب أن تمثلي بعد كل الابتعاد أن الرجوع لا يؤذيكي كما كان الغياب يؤذيكي .. و يمكن أشد ! “

“و أنت تردّت عيناك إلى الداخل، ازدادتا صفاء و بهت لون شفتيك الذي اشتعل قبل زمن قصير بسببي، تصوري كل الأشياء التي أضعتها بسبب كلمة، تصوري كيف فجّرت نفسي من أجل لا أحد… “

” هو يدّعى أن العالم بلا فن سيصبح أكثر إنسانية ، أنا اعتقد أن عنده منطقا في رأيه … لكنني أحب أن أخرّب العالم . و أنتي؟ “

أنا بصراحة مع تخريب العالم قلبا و قالبا !




محبي هذا الخراب الجميل؛ تجدوه في فروع مكتبة تنمية في وسط البلد و المعادي.

الرواية إصدار دار الساقي بدعم من منحة آفاق.


أغسطس ٢٠٢٠

مروى زين

9 views0 comments

Recent Posts

See All
bottom of page